وصلت المشاورات اليمنية اليمنية في الكويت إلى مرحلةٍ مفصلية، بعد وصول النقاشات بين طرفي الأزمة إلى صلب القضايا الأساسية تحت ضغط دولي وإقليمي، رافقه تغيّر واضح في المزاج الدولي تجاه تشخيص الأزمة اليمنية والنظر في معالجتها.
ولعلّ إعلان الأمم المتحدة إدراج التحالف السعودي على «القائمة السوداء» على خلفية اتهامه باستهداف الأطفال في الحرب على اليمن، يأتي كذروة في توجّه الغرب والمجتمع الدولي نحو إنهاء الحرب، بعد إشارة وزير الخارجية البريطاني إلى ضرورة أن يضمن الاتفاق المرتقب إشراك جميع القوى في السلطة.
وجاءت هذه التطورات بالتزامن مع عودة التصعيد العسكري لـ«التحالف» والمجموعات المسلحة جوّاً وبرّاً وبحراً، الأمر الذي يُعدّ ضغطاً سعودياً على وفد صنعاء لتقديم تنازلات أهمها قبول عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي وإن لمدة محدودة تكون بمثابة اعتراف بشرعيته بما يضمن لها الحصول على مكسب صوري يعفيها من تبعات سنة ونيف من الحرب والتدمير.
وفي سياق متصل، أشارت معلومات إلى أن الطروحات التي برزت في الأيام الماضية بشأن مصير هادي أدت إلى ازدياد القلق لدى الرئيس المقيم في الرياض وإدراكه أنه سيغادر المشهد في كل الأحوال، لكونه أصبح يمثل عائقاً أمام الحلول. هذا الأمر دفعه إلى المطالبة بمنحه حصانة قضائية تعفيه من أي ملاحقة قانونية محتملة.
في هذا الوقت، كشفت معلومات «الأخبار» أن عضو وفد صنعاء ناصر باقزقوز توجه أول من أمس إلى بيروت في زيارة سريعة إلتقى خلالها الرئيس السابق علي ناصر محمد مع بعض القيادات الجنوبية. اللافت في توقيت الزيارة هو أنها تأتي مع اقتراب البحث عن شخصيات توافقية للرئاسة ورئاسة الحكومة.
وأفاد مصدر مطلع على مجريات المشاورات «الأخبار» بأن الحلول باتت في متناول المجتمع الدولي الذي بات «يفهم جيداً مداخل الحل» في اليمن.
وبالرغم من ضبابية المشاورات المستمرة في الكويت، أوضح المصدر المطلع أن المجتمع الدولي وسفراء الدول المعنية باتوا يدركون «واقعية» ما يطرحه وفد صنعاء على طاولة المشاورات من رؤى ومقترحات جدية للحل غير أنهم لا يزالون محكومين بالاعتبارات المتعلقة بالقرار الدولي 2216 وضيق المساحة فيه.
وأوضح المصدر أن وفد صنعاء بدأ يطرح مقترحات على مستوى التفاصيل المتعلقة بتشكيل سلطة توافقية سواء على مستوى الرئاسة أو الحكومة أو عمل اللجنة العسكرية والأمنية ولجنة الضمانات، ويضع معالجات جزئية للكثير من المشاكل، وهو ما عدّه دبلوماسيون أداءً متقدماً مقابل أداء وفد الرياض الذي لم يبدِ أي مرونة تجاه ما يطرح ولا يزال متوقفاً عند المطالب السابقة البعيدة عن الواقع، التي لا تقدم أي رؤية للحل، الأمر الذي يهدد المشاورات بالعودة إلى مربع البداية بحسب مراقبين.
من جهة أخرى، أكدت المعلومات أن بعض السفراء أبدوا إمتعاضهم من أداء المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ الذي لا يطلعهم على ما يجري على طاولة المشاورات مثلما هو مفترض.
وقال المصدر إن المبعوث الدولي يقف حالياً في موقف محرج أمام ما يطرحه وفد صنعاء يومياً من رؤى ومقترحات تلاقي قبول السفراء والمعنيين الدوليين. ورجّح المصدر أن ولد الشيخ لم يعد قادراً على الخروج عن ما تريده السعودية خوفاً من أن يكون مصيره كمصير المبعوث السابق جمال بن عمر الذي استبعدته الرياض بعدما أصبح يعمل خارج ما تمليه.
في هذا الوقت، وفي خطوة لافتة، أدرج الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «التحالف السعودي» على قائمة سوداء سنوية بالدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال خلال الصراعات، في انتقاد شديد للتحالف الذي يحارب في اليمن لقتله وتسببه في تشويه أطفال.
وذكر تقرير بان الذي نشر اليوم الخميس أن «التحالف» مسؤول عن 60% من وفيات وإصابات الأطفال العام الماضي، وأنه قتل 510 وإصابة 667 طفلاً. وقال التقرير إن التحالف نفذ نصف الهجمات التي تعرضت لها مدارس ومستشفيات.
وعلّق المتحدث باسم «التحالف»، أحمد عسيري، على هذا التقرير بالقول إنه لا يعتمد على إحصائيات دقيقة، وأنه تكلم بشكل عمومي وذكر أرقام غير مدققة. وفي أول هجوم على الأمم المتحدة، أكد عسيري في مقابلة مع قناة «بي بي سي» أن منهجية الأمم المتحدة في العمل «خاطئة»، موضحاً أنها «عبر القرار 2216 تجرم الانقلاب وتعزز شرعية الحكومة، ولكنها للأسف على الأرض تتعامل مع الميليشيات الانقلابية وتستقي منها الأرقام المضللة وتتجاهل الحكومة اليمنية الشرعية، وهذا خلل كبير يضلل الرأي العام ويضلل مثل هذه التقاير». وأضاف أن «التحالف» يملك اثباتات ودلائل على أن الامم المتحدة تخاطب رسمياً حكومة الانقلابيين وتتجاهل الحكومة اليمنية الشرعية.